+ «رأيت تحت المذبح نفوس الذين قُتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم... فأُعطوا كل واحد ثياباً بـِيضاً وقيل لهم: أن يستريحوا زماناً يسيراً أيضاً، حتى يَكْمَل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضاً العتيدون أن يُقتلوا مثلهم» (رؤ 6: 9-11).
من كل شعب ومن كل لسان ومن كل أُمة، كان للمحبة التي انسكبت في قلوب المؤمنين بالمسيح شهودٌ، كان من نصيبهم في الأرض بسبب هذا الحبيب، العذاب والقتل؛ أما نصيبهم في السماء، المكان الأول ”تحت المذبح“.
ثلاثون ألفاً بالإسكندرية قُتلوا دفعةً واحدة! ليجلسوا هناك معاً ومع الذين سبقوهم، ينتظرون العتيدين أن يُقتلوا مثلهم! كلَّت فيهم أيدي القاتلين وما فَتَر الحب الذي فيهم قَيْدَ شعرة. ارتفعت ألسنة النيران للتعذيب أمام عيونهم، فأطفأت رهبَتَها نيرانُ الحب المتأجِّجة في قلوبهم. أُمهات أُخذت أطفالهن أمام عيونهن ليُذبحوا أمامهن، فلم يبكين ولم يلطمن ولم يُغشَ عليهن من هول المنظر! بل كُنَّ يُشجِّعن أولادهن حتى يحتملوا، لينالوا محبة الشهادة وأكاليلها.
إنها محبة، محبة ليست من هذا الدهر، محبة ليست من لحم ودم! محبة انسكبت في قلوبهن بالروح القدس!!
هذه المحبة كانت تدفع الرجال والنساء، بل وعائلات بأجمعها أن يسيروا على أرجلهم من دمنهور إلى الإسكندرية، لماذا؟
هل ليتنزهوا هناك؟ كلاَّ! هل ليشتروا مطالب ضرورية؟ كلاَّ! هل ليبيعوا ويشتروا ويستغنوا؟ كلاَّ! ولكن لماذا؟ اسمع: لماذا؟